أسماء الله الحسنى(معناها – التوسل بها- إحصاؤها- الإلحاد بها)

أسماء الله الحسنى

(معناها – التوسل بها- إحصاؤها- الإلحاد بها)

قال القرطبي رحمه الله: سمَّى الله سبحانه أسماءه بالحسنى؛ لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وأفضاله[1].

مَن تَتَبَّع الأدعية في القرآن العظيم وجدَ جُلَّها لا تخلو من التوسُّل بالله عز وجل بأسمائه الحسنى؛ كقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]؛ ولهذا ينبغي للعبد سؤال الله عز وجل بأسمائه الحسنى، فهي سبب عظيم لاستجابة الدعاء، فقوله سبحانه: ﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾؛ أي: اطلبوا منه بأسمائه، فيطلب بكل اسم ما يليق به، فتقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رزاق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتاح افتح لي، يا توَّاب تُبْ عليَّ.

وقد أخبرني شيخ كريم أنه إذا رقى أحدًا فلا تخلو رقيته من دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى، وقد يجد بإذن الله تعالى الشفاء والعافية.

بمعنى يتوقَّف فيها على الكتاب والسُّنَّة، فنثبت لله عز وجل من الأسماء ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسولُه صلى الله عليه وسلم على ما جاء في صحيح السُّنَّة إثباتًا يوجب الإيمان بها، وبما دلَّتْ عليه من المعاني، وما تعلَّقَت به من آثار.

فلا مجال للعقل أبدًا في إثبات اسم لم يرد، إلا أننا نعتقد جازمين بأن كل كمال للمخلوق وأمكن أن يوصف به الخالق، فالله الخالق أولى به وأتمُّ وأعظم، قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

وكون أسماء الله عز وجل توقيفية هو منهج أهل السنة والجماعة.

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ، إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ بَصَرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: ((أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ))[2].

فدلَّ هذا الحديث على أنَّ أسماء الله عز وجل ليست محصورةً بعدد معين، قال ابن كثير رحمه الله: ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى ليست منحصرة في التسعة والتسعين… ثم ذكر الحديث المتقدم[3].

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((للهِ تسعةٌ وتسعونَ اسمًا، مائةٌ إلا واحدًا، لا يحفظها أحدٌ إلا دخلَ الجنةَ، وهو وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ..)) وفي راوية: ((مَنْ أحصاها دخلَ الجنة))[4].

فهو إخبار بأن مَن أحصى هذا العدد دخل الجنة، وليس إخبارًا بأنها محصورة بعدد معين، ونقل النووي رحمه الله اتفاق العلماء على ذلك[5].

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا، مائةً إلا واحدًا، مَنْ أحصاها دخلَ الجنة))[6] من حديث أبي هريرة.

• حفظها عن ظهر قلب، حتى يدعو الله عز وجل بها ويُثني عليه بها.

• أن يتتبعها ويستقرئها من نصوص الكِتاب والسُّنَّة.

• أن يعمل بمقتضى ما دلَّتْ عليه من إيمانٍ وعِلْمٍ ويقينٍ وعَمَلٍ، ويثمر ذلك في قلبه وعمله.

• أن يفهمها ويعيَها قلبُه ويتعلَّقُ بها، فيورث له تعظيمَ الله تعالى ومحبَّته ورجاءه والخوفَ منه.

الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها، قال تعالى: ﴿ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[الأعراف: 180]، ومن الإلحاد فيها أن يُسمِّي الله بما لم يُسَمِّ به نفسَه، أو أن ينكر شيئًا من أسمائه، أو أن ينكر ما دلَّت عليه من الصفات، أو أن يجعل أسماءه سبحانه دالَّة على التمثيل، أو أن يُسمِّي شيئًا معبودًا بالإله كما فعل كُفَّار قريش من تسمية معبوداتهم باللات من الإله، والعُزَّى من العزيز، ومناة من المنَّان.


[1] الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي 7/ 326.

[2] صحيح ابن حبان 972، وفي رواية الإمام احمد: ((مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، وَفِي قَبْضَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَلْهَمْتَ عِبَادَكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي مَكْنُونِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قلبِي وجِلاءَ هَمِّي وغَمِّي، مَا قَالَهَا عَبْدٌ قَطُّ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ غمَّه وأبدَلَه فَرجًا)).

[3] تفسير القرآن العظيم، ابن كثير, 3/ 515.

[4]رواه البخاري, 6736، مسلم, 2677.

[5] شرح النووي على مسلم 17/ 5.

[6] رواه البخاري 2736، مسلم، 2677.

  • Related Posts

    أثر العلماء

    أثر العلماء – الشيخ: سعد محسن الشمري إن الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا…

    معاني أسماء الله الحسنى

    ( الحي، القيوم، العليُّ، الأعلى، المتعالي ) معاني أسماء الله الحسنى ( الحي، القيوم، العليُّ، الأعلى، المتعالي ) الله سبحانه، الحي، القيوم هذان الاسمان جاءا مقترنَيْنِ في ثلاثة مواضع من كتاب الله تعالى: في…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    لا تفوت

    أثر العلماء

    • أبريل 23, 2025
    • 7 views
    أثر العلماء

    معاني سور القرآن الكريم

    • أبريل 21, 2025
    • 5 views
    معاني سور القرآن الكريم

    كتاب: النبذ اليسيرة من أيام السيرة – تأليف: الشيخ: سعد محسن الشمري

    • أبريل 19, 2025
    • 5 views
    كتاب: النبذ اليسيرة من أيام السيرة – تأليف: الشيخ: سعد محسن الشمري

    المجموعة (19) من الخطب المنبرية

    • أبريل 17, 2025
    • 5 views
    المجموعة (19) من الخطب المنبرية

    المجموعة (18) من الخطب المنبرية

    • أبريل 17, 2025
    • 6 views
    المجموعة (18) من الخطب المنبرية

    المجموعة (17) من الخطب المنبرية

    • أبريل 17, 2025
    • 4 views
    المجموعة (17) من الخطب المنبرية